للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتلوه في كل يوم، يصير على الفرغة يوم جاءه ما يشغله عن حزبه فيقول: لاحقين عليه، ما دام ما هنا شيء محدد يضيع عليه الحزب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- دل الحديث على أن له حزب معين مرتب من القرآن يومي، قال: ((لقد جاءني ما يشغلني)) لما تأخر عنهم في الخروج إلى الصلاة، تأخر عنهم ((جاء ما يشغلني عن حزبي وعن قراءتي)) فعلى طالب العلم على وجه الخصوص -وإن كان المسلم عموماً مطالب بهذا- أن يجعل له حزباً معيناً من القرآن لا يخل به سفراً ولا حضراً، وهذا لا يكلف شيء، يعني نجد ناس من أهل القرآن حفاظ، لكن تمر عليهم الأيام ما قرؤوا، يتيسر لهم أن يقرؤوا على أي حال؛ لأنهم حفظة، لكن مع ذلك الذي لا يرتب لنفسه حزب معين محدد من القرآن لا شك أنه لا تنضبط أموره، فعلى الإنسان أن يهتم بهذا، وهذا كررناه مراراً، وإذا كان الشخص اعتاد أن يقرأ القرآن في سبع أو في ثلاث ثم أراد أن يقلل، أحب الدين إلى الله أدومه، أراد أن يقلل من المقروء، ويقلل من الكم، ويعيد النظر في الكيف، مثل ما ضربنا المثال بمن يقرأ أربعة أو جزأين، لا شك أن التقليل ليس مرغوب لذاته، لكن إذا كان سببه تحصيل ما هو أهم من التدبر والترتيل فلا شك أنه مرغوب فيه، وهو أفضل، الذي يقرأ جزء أفضل من الذي يقرأ أجزاء، يقرأ جزء على الوجه المأمور به أفضل من الذي يقرأ أجزاء بالهذ، وإن كانت النفس تستروح إلى السرعة والإنجاز والفراغ من الشيء، حتى وصل الأمر إلى أن الإنسان يقرأ السورة من الطوال، ومع ذلك لا يدري هل قرأ منها شيئاً أو لا، وقد يفتح ورقتين مع بعض ولا يدرك أنه فتح ورقة، وقد يعود إلى الورقة السابقة وهو لا يشعر، يعني هذا لا شك أن مثل هذا لا تترتب عليه آثار، هذه القراءة لا تترتب عليها آثارها من نفع القلب، وإن ترتبت عليها أجر تحصيل الحروف، أجر الحروف يحصل بمجرد القراءة، في كل حرف عشر حسنات، وهذه من خصائص القرآن أنه متعبد بقراءته، بتلاوته، دون غيره من الكلام، يعني ولو لم يستفد الإنسان يؤجر، لكن المقصود أن القرآن إنما أنزل للعمل، والذي يفيد في العمل، وينفع القلب، ويزيد من الإيمان واليقين هو القراءة على الوجه المأمور بها.