"يصلي بهم" أو يؤم القوم أقرؤهم، هذا نص الحديث، والحديث صحيح في صحيح مسلم وغيره "فإن استووا فأفقههم" مقتضى الحديث تقديم الأقرأ على الأفقه ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) طيب الفقه ما نص عليه في الحديث لا كونه فاضل ولا مفضول، وهنا يقول:"فإن استووا فأفقههم" الفقه ما نص عليه، قد يقول قائل: إن الفقه ما نص عليه فيكون خارج عن موطن التفضيل، العلم بالسنة هو الفقه لا سيما فقه الصلاة؛ لأن أكثر أحكام الصلاة في السنة، أكثر أحكام الصلاة جاءت في السنة، وليس من أحكام الصلاة في القرآن إلا أمور مجملة الأمر بها، والإشارة إلى شيء من أوقاتها، وصورتها المجملة العامة، قيام {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(٢٣٨) سورة البقرة] ركوع وسجود، لكن التفاصيل وما يحصل فيها مما يصححها، ومما يخل بها ليس في القرآن منه شيء، اللهم إلا الأمر بالإخلاص على وجه العموم، والأحكام المصححة والمبطلة كلها جاءت بالتفصيل في السنة، فلما قال:((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) يعني الأفقه، لا سيما في أحكام الصلاة، وهذا قول الحنابلة، هذا هو المرجح عند الإمام أحمد، فإذا اجتمع شخصان أحدهما: أقرأ، أجود قراءة، وأكثر حفظ، والثاني: أفقه، أعلم بالأحكام الحلال والحرام، لا سيما الصلاة، فإنه حينئذٍ على مقتضى الحديث يقدم الأقرأ، وإن كان أقل في الفقه، يتصور حافظ مجود بضاعته في الفقه مزجاة، إذا حصل عنده أدنى اضطراب اختلت صلاته، وهو لا يشعر، حينئذٍ من نقدم؟ هل نقول: نقدم من يصحح أو من تصح الصلاة بإمامته أو نقدم الأقرأ؟