"والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" في الحديث -حديث لقيط بن صبرة-: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) في الاستنشاق، جاء ذكر المضمضة في رواية ضعيفة:((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) لأن الأنف منفذ، منفذ إلى الجوف، فإذا دخل معه الماء أفطر الصائم، هذا بالنسبة للاستنشاق، وأما بالنسبة للمضمضة فمن باب القياس على الاستنشاق؛ لأنها هي المنفذ؛ لأن الفم هو المنفذ الأصلي، فهل التنصيص على الاستنشاق من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؟ فإذا نهينا عن المبالغة وقت الصيام في الاستنشاق فالنهي عن المبالغة في المضمضة حال الصيام من باب أولى؟ ولذا قال المؤلف:"والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" فإذا قلنا: إن النص فيه التنبيه بالأدنى على الأعلى، ويكون عند المبالغة في المضمضة من باب قياس الأولى، ومن باب مفهوم الموافقة، أو نقول: إنه لا تقاس المضمضة على الاستنشاق؟ لماذا؟ لأن الأنف لا يمكن التحكم فيه بخلاف الفم يمكن التحكم فيه، يمكن أن يبالغ الإنسان في المضمضة ولا يذهب شيء إلى حلقه، بمعنى أنه يدير الماء في فمه مراراً وبقوة ومع ذلك لا يذهب إلى الجوف منه شيء بخلاف الأنف، الأنف مفتوح لا يمكن التحكم فيه، فإذاً يحتاط فيه أكثر من الاحتياط للفم، والواقع يدل على هذا، فعلى هذا يقتصر في مسألة المبالغة على الاستنشاق؛ لأن الأنف لا يمكن التحكم فيه؛ لأنه مفتوح، وهو منفذ بخلاف الفم، الفم يمكن التحكم فيه، يعني بالإمكان أن يتغرغر الإنسان ولا يذهب في جوفه شيء ثم يمجه، فضلاً عن كونه يديره ويحركه بلسانه ثم يمجه، فأي الاحتمالين أقوى؟ المؤلف مشى على أن المضمضة كالاستنشاق، وجاء في بعض طرق الحديث ما يدل على ذلك:((وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) لكن لا شك أن الاستنشاق أصح، الاقتصار على الاستنشاق أصح، فأي الاحتمالين؟ هل نقول: إن المضمضة باعتبار أن الفم هو المنفذ الأصلي أولى بالتحرز والاحتياط من الأنف؟ لأن الفم هو المنفذ الأصلي؟ أو نقول: لا، لا يستوي الأصل مع الفرع في العلة؛ لأن الفم منفذ مفتوح، وأما بالنسبة للفم فإنه يمكن التحكم به؟ فعلى هذا نقتصر على