"والبكاء غير مكروه" لكن بعض الناس مع ما أمر به من الصبر والاحتساب، وعدم التسخط والرضا بالقضاء، لا يستطيع أن يوفق بين هذا كله مع البكاء، ولذا عرف عن -أظن- أبي يزيد البسطامي أنه ضحك لما مات ولده، ضحك، ما استوعب الجمع بينهما، كثير من الناس في هذه المضايق لا يستطيع أن يستوعب الجمع بين الأمرين المتضادين، الرسول -عليه الصلاة والسلام- في هذا أكمل الخلق، وفي كل باب من أبواب الدين أكمل الخلق استطاع أن يوفق والذي لم يستطع ضحك، فهل المطلوب من المسلم ترجيح جانب ما أمر به من الصبر والاحتساب والرضا وغير ذلك على جانب ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من البكاء؟ إذا قال: أنا والله لا أستطيع التوفيق إن بكيت اتسخطت، وجدت في نفسي الحزن الشديد وعدم الرضا، فلا بد أقطع انصرف عن هذا البكاء؛ لأن بعض الناس يلاحظ كثير من الناس من هذا الباب تجده يتجلد ويتصبر، ثم إذا رأى أحد يبكي أمامه انفجر، هذا موجود، فيقول: أنا انصرف عن هذه الأمور البكاء وغير البكاء وأتسلى بحيث لا أورده على قلبي ألبتة، أصرف قلبي عن هذا الحدث، هل نقول: إن الأفضل أن تصرف قلبك عن هذا الحديث، وبدلاً من أن تبكي إما أن تنشغل بأمر من الأمور، أو تزيد على ذلك فتضحك؟ نقول: حاله -عليه الصلاة والسلام- أكمل الأحوال، والذي لا يستطيعه الإنسان لا يؤاخذ عليه، إنما عليه أن يجاهد، وعليه أن يربي نفسه على وفق ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-.
"والبكاء غير مكروه إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة" يعني: معه رفع صوت وندب، وجبلاه، وفلاناه، وانقطاع ظهراه "ولا نياحة" كما تفعله النائحات الأجيرات -نسأل الله العافية-، بعض الناس يستأجر من ينوح، وهذا أمر مأثور عن العرب في جاهليتهم يسمونه إسعاد، إذا جاءت تنوح معناه أنها جاءت تسعدهم، على كل حال هذا من عظائم الأمور، ومن كبائر الذنوب، نسأل الله العافية.
طالب: أحسن الله إليك تعداد محاسن ميت في مجلس العزاء؟