فلا شك أن الثلاث أفضل، لكن من يخشى على نفسه من الوسواس إذا لزم الثلاث ثم دعاه الشيطان إلى ما فوق ذلك، وقال: احتمال أنك ما أسبغت الوضوء زد على ذلك، نقول: اقتصر على المرة أو المرتين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرةً مرة، ومرتين مرتين، وفي هذا العلاج لمثل هذه الحالات.
ومن أهل العلم -مع الأسف- من أهل العلم من يبلغ به الأمر إلى أن يغسل العضو عشر مرات، ويذكر في تراجمهم كابن دقيق العيد والحافظ العراقي قالوا: ولم يكن هذا يخرجهما إلى الوسواس، وإنما هو من باب الاحتياط، فيقال لمثل هؤلاء أن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور، أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.
وشاهدنا من شيوخنا من أهل العلم والعمل وأهل التثبت والتحري في جميع أبواب الدين من يغسل العضو عشر أو أكثر، ويعلل بأنه رجل أعمى لا يدري هل أسبغ أم لا؟ ومع ذلك نقول: خرج عن دائرة السنة في هذه المسألة، فلا يحتاج العضو إلى عشر مرات, يعني هذا جوابه يقول: أنا والله رجل كفيف، ما أدري هل أسبغت؟ فيغسل ويزيد مرة بعد مرة، ولا شك أن هذا من وسواس الشيطان الذي لم يسلم منه إلا النبي -عليه الصلاة والسلام-، من عصم منه، النبي -عليه الصلاة والسلام- أعانه الله عليه فأسلم، لكن غيره ما يسلم إلا بالمجاهدة، واستحضار قصد التبرئ من وسوسته والخلاص منه، مع الاستعانة بالله -جل وعلا-، والاستعاذة من الشيطان، فالإنسان عليه أن يتعاهد هذا الأمر.
ومع الأسف أنه يوجد من طلاب العلم كثير من يقع في حبائل الشيطان من هذا الباب، في باب الوسوسة، وهو كثيرٌ في أهل الحرص مع الجهل، إذا اجتمع حرص وجهل هذا المرتع للشيطان، ويكثر كثرةً ملحوظة في النساء، تجدها صاحبة حرص على أن تخرج من عهدة العبادة بيقين مع جهل، ثم تسترسل من باب الاحتياط، ثم لا تلبث أن تقع في حبائل الشيطان الذي يريد أن يصدها ويصد غيرها عن الصلاة.