للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: والأغسال المستحبة: ثلاثة عشر غسلاً، للجمعة، وهو غسلٌ مؤكد، ولذا جاء فيه: ((غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم)) والوجوب هنا بمعنى التأكد والتحتم، وأما التأثيم فلا، والأدلة على ذلك الصارفة كثيرة، لكن يجعلون ((من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) ويستدلون أيضاً بقصة عثمان، وأنه اقتصر على الوضوء، ولم يأمره عمر -رضي الله تعالى عنه- بالإعادة، وأقره الصحابة كله على صلاته في هذا الوضوء وترك الغسل، لا شك أن هذه أدلة قوية تدل على عدم الوجوب، لكن لفظة واجب هل يأتي فيها الصرف من الوجوب إلى الاستحباب مثل صرف اغتسلوا للجمعة؛ لأنه حينما يصرف اللفظ الذي يدل على الوجوب، الصرف للأمر يعني أنه فرق بين أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "اغتسلوا للجمعة" والأصل في الأمر الوجوب، ثم يأتي ما يصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب هذا ظاهر، لكن إذا قال: ((غسل الجمعة واجب)) هل هذا اللفظ يحتمل صرف؟ أو هو لا يحتمل الصرف اللفظي يحتمل الصرف المعنوي؟ ((اغتسلوا)) يحتمل الصرف اللفظي، اللفظ الذي هو الأمر يحتمل صرفه من أمر الوجوب إلى أمر الاستحباب، ((لكن غسل الجمعة واجب)) هذه الاحتمال في صرفها معنوياً لا لفظياً، اللفظ ما يمكن صرفه، يعني ما يمكن أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- واجب وتقول: مستحب، لا يحتمل هذا، لكن صرفه من حيث المعنى نحمله على الوجوب، لكن لا على الوجوب الذي يقتضي التأثيم، بدليل ما ورد في ذلك من أدلة أخرى تقتضي عدم التأثيم، وهذه الاصطلاحات التي جاءت في النصوص الشرعية لا يلزم منها مطابقة الاصطلاحات العرفية عند أهل العلم، فالواجب عند أهل العلم في اصطلاحهم يأثم بتركه، ويلزمه فعله، لكن في مثل هذا النص هو عند عامة أهل العلم مختلف عن الاصطلاح العرفي عند أهل العلم، وقل مثل هذا في المكروه، المكروه جاء في النصوص ما يدل على إرادة التحريم، بل التحريم الشديد، وجاء استعماله أيضاً في لسان أهل العلم من المتقدمين على ذلك أيضاً، وأما بعد أن شاع الاصطلاح في تخصيصه فيما لا إثم فيه، بل هو مما يؤجر على تركه ولا يأثم بفعله، لا شك أن هذا الاصطلاح، يعني في كتب المتأخرين جارٍ على الاصطلاح، لكن كلام