عند بعض الناس دون بعض، ومثل هذا يزول بالبحث وبسؤال الأعلم ينتهي، ولا يوجد تعارض بين نصين أو بين نص ورأي صريح، سليم، باقٍ على الفطرة، أما الوجود عند آحاد الناس فإن هذا وجود نسبي يزول بالبحث، والأصل في المسألة النقل، وكونه يبحث عن علل وحكم هذا شيء طيب، لكن يبقى أنه إذا لم يوقف على العلة، أو كان الظاهر من العلة العكس، عكس ما جاء به الدليل، فإن مثل هذا لا أثر له، العبرة بالنص، قول علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من المسح من أعلاه" يعني الرأي المجرد؛ لأن الإنسان في بادئ الأمر يظن أن المسح للأسفل الذي يباشر الأرض، وعرفنا أن المسح لا يزيل الأثر والقذى الذي لحق بالخف بسبب مباشرته الأرض، وما دام الأمر كذلك فإنه يكتفى بالظاهر، والأصل في المسألة الاتباع، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح أعلى الخف، هذا الأصل، وذكرنا أن الرأي لا يتعارض مع النص، كتاب شيخ الإسلام يعني لو أن بارعاً تصدى لاختصاره، وحذف منه الاستطرادات التي لا يفهمها كثير من أهل العلم، كثير من أهل العلم لا يفهمونها فضلاً عن المتعلمين، يعني أحياناً يمر أكثر من مائة صفحة كأنها طلاسم لقصور القارئ، ما هو لخلل في الكلام، لا، ذكرت أنا في مناسبات أن في المجلد الأول من الرد على ابن مطهر منهاج السنة ما يقرب من ثلاثمائة صفحة كلها لو تلغى من الكتاب ما صار فيه أثر لآحاد المتعلمين الذين لا يستفيدون من مثل هذا الكلام، والمجلد السادس فيه أيضاً أكثر من ثلاثمائة صفحة، أكثر من نصفه، فلا لخلل في كلام شيخ الإسلام، لا، إنما لقصور في كثير من المتعلمين، بالفعل أنا قرأت منهاج السنة في الموضعين ذولي ما تفهم شيء، لماذا؟ لأن المقدمات اللازمة لفهم مثل هذا الكلام ما نعتني بها، نصرف الهمة لما هو أولى منها، المقدمات التي تعيننا على فهم هذا الكلام ما نعتني بها، ولا نهتم بها، ولذا بعض العلماء يطلبون من طلاب العلم النظر في علم الكلام، وفي المنطق لفهم مثل هذا الكلام من شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن مثل هذا العلم كلحم جمل غث على رأس جبل، وقال في موضع آخر: لا يستفيد منه الغبي، ولا يحتاج إليه الذكي،