يعني بإمكانه أن يفهم النصوص من غير هذا العلم، وهو علم كَل، غث بلا شك، لكن من أراد أن يتصدى للردود على الطوائف المخالفة، وأمن عليه من أن يفتتن ببعض الأقوال مثل هذا يقرأ، وإلا فالنووي وابن الصلاح حرّما النظر في علم الكلام وفي المنطق، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من قراءته ليتصدى للرد على المخالفين، فدرء تعارض العقل والنقل يعني لو يقتطف منه من الكلام الواضح من كلام شيخ الإسلام ما يجعل في مجلد لطيف انتفع الناس به انتفاعاً عظيماً، بحيث لا يجعل طالب العلم يقتحم غمرات هذا الكتاب العظيم، ولا يمكن أن يستغنى عنه بحال من الأحوال، ابن القيم يقول:
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثاني
لكن تجعل طالب العلم يقرأ مثل هذا الكتاب مشكلة، دون تنقيح، وبدون حذف ما لا يفهم منه هذا لا شك أنه يحدث ردة فعل عند بعض طلاب العلم بحيث يترك القراءة بالكلية، فإذا سمع ابن القيم يثني على هذا الكتاب العظيم بادر إلى اقتنائه وقراءته، ثم لا يلبث أن يقرأ فيه يوم أو يومين ثم ينصرف. . . . . . . . .
بالعلل للدارقطني ذهب طالب العلم إلى هذا الكتاب، ثم بعد ذلك ما يفهم منه شيء، فيترك القراءة، لا، طالب العلم عليه أن يبدأ بالأسهل فالأسهل، يعني يترقى، يعني ما يصل السطح ثم يبدأ ينزل، لا، العكس من درجة إلى درجة من درجات السلم حتى يصل إلى المنتهى إلى السطح، أيضاً شيخ الإسلام من كتبه العظيمة وقد تم طبعه -ولله الحمد- ومحقق في ثمانية مجلدات الرد على التأسيس للرازي، تأسيس التقديس، الذي يقول فيه ابن القيم:
وكذلك التأسيس أصبح نقضه ... ومن العجيب أنه بسلاحهم
أعجوبة للعالم الرباني ... أرداهم نحو الحضيض الداني
هذه الكتب يقرأها طالب العلم، لكن الطالب الذي قرأ قبلها من كتب شيخ الإسلام، وعرف أسلوب شيخ الإسلام، وصار يميز بين الكلام الذي يمكن فهمه والذي لا يمكن فهمه.