إذا وجد عالمان بهذه المثابة، ولم يستطع الترجيح بينهما، أو وجد مرجحات لهذا، ومرجحات لهذا، فلم يستطع الترجيح فإنه يسعى لإبراء ذمته، يعني مثلما قال أهل العلم فيما إذا تعارض دليلان من غير ترجيح، لم نستطع أن نرجح بينهما، لكن أحدهما يدل على اليسر والسهولة، والثاني يدل على الاحتياط، فيه احتياط، فمن أهل العلم من يقول: يأخذ بالأيسر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وهذا له من ينصره، والأكثر يقولون: يأخذ بالأحوط؛ لأنه أبرأ للذمة، والمراد بالأيسر يختار الأيسر في وقت التخيير، أما الآن ما في تخيير، عندك راجح وإلا مرجوح، إن لم تستطع فالتوقف حتى يترجح لك أحد الأمرين، وإذا أمكن الاحتياط والخروج من العهدة بيقين فهذا أليق بلا شك، هذا هو الأليق، الخروج من العهدة بيقين، أما القول بأن إطلاق القول بأن الشريعة مبنية على اليسر والدين يسر، ولن يشاد الدين أحد .. ، هذا على العين والرأس صحيح، لكنه أيضاً دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، وإذا حصل مثل هذا فلا يكن ميلك إلى ما يوافق هواك، يعني سألت من أهل العلم في مسألة من مسائل الحج، فقال: عليك دم، ثم بحثت لتسأل غيره وإن كان أعلم منه، فقال: ما عليك شيء، ما الدافع إلى السؤال؟ هل الدافع إلى السؤال مزيد التثبت والتحري، أو الدافع له البحث عما يوافق الهوى هوى النفس؟ وهذا لا شك أن الإنسان المطلوب منه إبراء الذمة، وأن يخرج من العهدة بيقين، قد يقول قائل: وقعت أنا وزميلي في أمر، في محظور واحد، فزميلي سأل شيخه قال: ما عليك شيء، وأنا سألت شيخ: وقال: عليك دم، فما هو معقول أن قضيتنا واحدة، هو ما عليه شيء، وأنا علي، لا بد أروح أسأل، هذا اتباع للهوى، بل الثاني اللائق به أن يتحرى ويتثبت، هو عرف أن في المسألة قولين يذهب يطلب مرجح، هذا الذي أفتي بأنه ليس عليه شيء، وإن كانت الفتوى ليست بصحيحة فإثمه على من أفتاه.
يقول: أيهما أفضل شرح الطيبي أو مرقاة المفاتيح شرح الملا علي القاري؟