"ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها" ويعني بذلك البسملة، وأما السورة فحكمها حكم الفاتحة، إن جهر بالفاتحة جهر بالسورة، إن لم يجهر بالفاتحة لم يجهر بالسورة، وأما البسملة فحكمها حكم البسملة في افتتاح الفاتحة، في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، عرفنا أن حقيقة هذا المنطوق يعني مفهومه ليس بمراد، ولا يعني هذا أنه لا يقرأ براءة، ولا يقرأ من أثناء السور، ولا من أواخر السور التي ليس فيها بسملة، لا، ليس هذا مقصود، لا شك أن قراءة السورة كاملة من أولها إلى آخرها في ركعة أولى من قراءة بعض سورة أو من أثناء السورة أو من آخر السورة، مع أنه ثابت القراءة في أثناء السورة، لا سيما في الركعة الثانية.
"ولا يجهر بها، فإذا فرغ" يعني من قراءته "كبر للركوع" قراءة السورة في الركعتين الأوليين في صلاة الصبح في الأولى والثانية، في صلاة الظهر في الأول والثانية، في صلاة العصر في الأولى والثانية، في صلاة المغرب في الأولى والثانية، في صلاة العشاء في الأولى والثانية، يقرأ بعد الفاتحة بما يتيسر، وإن كانت سورة كانت أكمل، أو قدر سورة؛ لأن المطلوب ما تيسر، {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [(٢٠) سورة المزمل] وأمر المسيء بأن يقرأ بما تيسر إضافة إلى الفاتحة.
هذه السورة جاءت القاعدة المطردة قاعدة يعني أغلبية ليست كلية بأن القراءة في صلاة الصبح من طوال المفصل، وفي صلاة المغرب من قصار المفصل، وفيما عداهما من أوساطه، مع أنه جاء التخفيف في صلاة الصبح، والتطويل في صلاة المغرب، وجاء ما يدل على أنه كان -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة الظهر بمقدار ثلاثين آية في الركعة الأولى والثانية، وعلى النصف من ذلك في الركعتين الأخريين، والعصر على النصف من الأوليين، وعلى النصف من الأوليين في العصر في الركعتين الأخريين، وجاء اقتصاره -عليه الصلاة والسلام- على الفاتحة في الركعتين، فالأمر في هذا فيه سعة، إن قرأ فلا بأس، وإن ترك في الركعتين الأخريين فلا بأس، مع أن قراءة ما زاد على الفاتحة سنة في قول جمهور أهل العلم.