وأما صنيع الخلفاء فالاحتمالات واردة، مع أن هذا الصنيع نعم قد يحتاج إليه مع خلو المسألة عن الدليل، يعني إذا قيل: إن الخلفاء بعض الخلفاء تركه بمحضر من كذا وكذا، هذا يستدل به عند العدم، أما إذا وجدنا الدليل المرفوع فلا شك أنه ألزم، وأقوى في الاستدلال، العبرة بالاقتداء والائتساء ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وكان يفعل هذا -عليه الصلاة والسلام-، ولم يحفظ عنه أنه تركه، كان يكبر مع كل خفض ورفع، وقال أيضاً:((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا)) هذه تدل على أن هذه التكبيرات، وما ذكر معها واجبة، وهذا هو المعروف في مذهب الحنابلة.
"وإذا فرغ كبر للركوع" إذا جاء والإمام راكع وخشي أن تفوته الركعة لو كبر مرتين، الأصل أن يكبر للإحرام وهو قائم، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة الانتقال، فإذا خشي من فوات الركعة، واقتصر على تكبيرة الإحرام أجزأه ذلك، وإن نوى بها التكبيرتين معاً فمحل خلاف، وإن نوى تكبيرة الانتقال فقط لم تنعقد صلاته، وعلى هذا ينوي بالتكبيرة تكبيرة الإحرام، وتدخل فيها تكبيرة الانتقال؛ لأن التداخل في مثل هذا معروف، تدخل الصغرى في الكبرى، والقاعدة معروفة: إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مؤداة والأخرى مقضية فإن الصغرى تدخل في الكبرى، وهذا مقرر عند أهل العلم، إذا كبر للإحرام فقط أجزأته عن تكبيرة الانتقال، وإذا كبر للانتقال فقط لم تنعقد صلاته، وإذا نوى بها التكبيرتين معاً هذا محل خلاف، منهم من يقول: إن هذا تشريك، ولم يتحرر الركن من غيره، والشتريك فيه إضعاف، وتكبيرة الإحرام ركن وهذا يضعفها.
وعلى كل حال إذا كانت تكبيرة الإحرام على باله، وعلى ذكر منه أجزأته، ولو شرك بها غيرها، كما لو طاف طواف الزيارة وهو ركن من أركان الحج ونوى به الزيارة والوداع.
طالب: لكن عفا الله عنك كثير منهم يكبر أثناء هويه للركوع؟
لا، لا ما يجزئ، ما يجزئ؛ لأن تكبيرة الإحرام فرض القيام، يعني مع القيام أثناء القيام، لا تجزئ أثناء الهوي، وإن كان من مقتضى قول ابن حزم أنه لا بد أن يكبر أثناء الهوي ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) ولكن هذا معروف أن تكبيرة الإحرام لا تجزئ إلا حال القيام.