ابن القيم -رحمه الله تعالى- أطال في الكلام على حديث أبي هريرة، وأجلب عليه بكل ما أوتي من بيان، وفهم وسعة اطلاع، فصار قوله يهجم على القلوب حتى لا يترك الإنسان يتأمل في النصوص، خلاص مقلوب مقلوب، انتهى الإشكال، حديث وائل ما في أحد قال: إنه مقلوب "كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" والثاني: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير؛ وليضع يديه قبل ركبتيه)) يقول ابن القيم: "من نظر إلى هيئة البعير وهو يبرك وجده يقدم يديه على ركبتيه" هو نظر إلى الصورة مجردة، ولم ينظر إلى معنى البروك في لغة العرب، طيب ماذا عن قول عمر أو قول الراوي عن عمر في البخاري:"فبرك بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-"؟ هل برك على يديه؟ ما يمكن، برك، والعرب إنما تقول للشيء: برك إذا نزل بقوة، برك البعير، وحصص العبير، إذا نزل على الأرض بقوة، أثار الغبار، وفرق الحصى يقال: برك، والمصلي إذا نزل بهذه الهيئة، ومع وجود البلاط وبعضه يصير فيه خلل، تسمع ويش لون البروك؟ حتى لو نزل على ركبتيه بقوة وأشبه الحمار خلخل البلاط، وفرق الغبار، وفرق الحصى، فلا بد من النظر الدقيق في الألفاظ، ابن القيم لا شك أنه إمام، ولا أحد ينازع في إمامته، وما نحن إلا عيال عليه وعلى كتبه، لكن يبقى أنه لا يقال مثل ما قال الأول:
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
على العين والرأس هو إمام وعمدته ومعوله على النصوص، ولا يعدل بها شيئاً، لكن مع ذلك أيضاً هذا فهمه للنصوص، لا يلزم أحد بفهم غيره.