وقلنا: إن الخوف المظنون، بل المتوهم ما هو مظنون متوهم عند بعض الناس أشد من الخوف المحقق عند آخرين، فمثل هذا ومن باب الاستطراد قد يكون بعض المبصرين تكليفه ببعض الأمور الدقيقة أقل من تكليف بعض العميان؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، هذا مبصر يمر على بعض الأمور ما تلفت انتباهه، لكن الحكم العام الشرعي شيء، ولذلك يختلفون في كون الأعمى هل يصح أن يكون محرم أو لا يصح؟ خلاف، مع أن بعض العميان أولى بكثير من كثير من المبصرين في كونه محرم من حيث الاهتمام والاحتراز والنباهة، لكن الأحكام الشرعية العامة تأتي على الجميع، ثم بعد ذلك ينظر في حال كل شخص بحسبه ومؤثراته، فإذا نظرنا إلى هذا الشخص أنه لا يستطيع الخروج بحال أن يبحث عن الماء، نقول: يا أخي خطر إذاً لا يخرج، هذا يعذر أكثر من الشخص الآخر الذي ليس بمنزلته ومثابته، ونقول هنا: بالنسبة للشخص الذي لا يستطيع أن يأكل من الميتة ولو مات نقول: أكله مما ذبحه، أو ما قتله المحرم من الصيد أو صيد في الحرم أسهل، وإن كان الأصل عند جمع من أهل العلم أن هذا أخف وذاك أشد، فهذه الأمور لا بد من مراعاتها.
بعض الناس لو تبي تكلفه يصلي عريان قائم قال: بلاش من الصلاة لا يطيق، هذا أمر لا يطيقه ولا يحتمله فيصلي جالس، لكن هل مثل هذه الأمور ترد إلى تقديرات الناس أو لا بد من حكم عام يضبط الجميع ويخرج على ذلك من لا يطيق مثل هذه الأمور؟ ولذا يقول المؤلف:"ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالساً يومئ إيماءً" القاعدة أن من قدر على شيء من العبادة وعجز عن شيء يأتي بما يقدر عليه، ويعفى عما لا يقدر عليه، هذا قدر على القيام ولم يقدر على ستر العورة يصلي قائماً لأنه قادراً عليه، وهو ركن من أركان الصلاة، ولا يستر عورته لأنه لم يستطع ذلك.