لا شك أن المسألة مشكلة، وعندهم أيضاً لا يسجد ولا يركع، يومئ إيماء العريان، وذلكم لأنه أستر له، لكن لو وجد ما يستره غير السترة من جدار أو حفرة أو ماء أو طين أو ظلام يلزمه أن يصلي الصلاة كاملة، لكن هل يلزمه أن يغوص في الماء من أجل أن يستتر، أو يلزمه أن يسجد في طين، أو يطلي جسده بالطين؟ نعم قالوا: لا يلزمه ذلك.
طالب: في المغني كلام حول هذه القضية يا شيخ.
ويش يقول؟
طالب: يقول: فصل: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته، نص عليه أحمد، وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: تبطل؛ لأنه حكم تعلق بالعورة، فاستوى قليله وكثيره كالنظر، ولنا: ما روى أبو داود بإسناده عن أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي، قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، وقال:((يؤمكم أقرؤكم)) فكنت أقرأهم فقدموني، فكنت أؤمهم وعليّ بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصاً عمانياً، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به.
ورواه أبو داود والنسائي أيضاً عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي، وهذا ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكره، ولا أحد من أصحابه؛ ولأن ما صحت الصلاة مع كثيره حال العذر فرق بين قليله وكثيره في غير حال العذر كالمشي؛ ولأن الاحتراز من اليسير يشق فعفي عنه كيسير الدم.
التفريق بين حال العذر وغير العذر هذا أمر واضح، فمع العذر يعفى، ومع غيره لا يعفى، إذا كان من الشروط أو الأركان أو الأمور المؤثرة في الصلاة لا يعفى عنه، إلا أن الفرق بين القليل والكثير من المسائل معروف.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ...
الرواية التي ذكرت في الشرح في حديث عمرو بن سلمة، وأن القميص والبردة فيه فتق يحتمل أن يكون هذا الفتق يسير فيعفى عنه، كما قال الإمام الموفق كأنه وهو المذهب عنده خلافاً للشافعية.