"ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم" وقد روي عن أبي عبد الله الإمام أحمد -رحمه الله- رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض، لماذا؟ لأن السجود مقدور عليه، ومقتضى هذه الرواية أن القيام أسهل من السجود، أيهما أسهل بالنسبة للعورة القيام أو السجود؟ نعم بالنسبة للتفريق بين القبل والدبر، وأيهما أولى بالستر السجود لا شك أنه لا تبين جميع العورة المغلظة، إنما يبين بعضها، ويختفي بعضها إذا سجد، لكنه إذا سجد ظهور الدبر أشد مما لو جلس أو قام، ولا شك أن هذه المسائل من المعضلات، والترجيح فيها لا بد أن يكون فيه نص قاطع صريح في المسألة، والذي في الباب هي اجتهادات، اجتهادات من أجل تحقيق المصلحة بقدر الإمكان، ودرء المفسدة بقدر الإمكان، يعني حينما يقولون في صلاة الخوف مثلاً: أي الصور أولى التي ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على ستة أوجه أو سبعة أيهما أولى؟
قالوا: الأولى من هذه الصور ما يحافظ على أركان الصلاة وأجزائها، ويحافظ أيضاً على حراسة العدو والأمن منه، ما يحقق الأمن، ويحقق المحافظة على صورة الصلاة، وهنا نقول: الأولى مثل هناك، الأولى من الصور التي ذكرت ما يحقق المصلحة بالإتيان بالواجبات والأركان بقدر الإمكان، مما لا يترتب عليه مفسدة، والمصلحة تتحقق بالإتيان بالأركان، والمفسدة تتحقق بالإخلال بالشرط، فإذا وجدت صورة تحفظ شيئاً من هذا وشيئاً من هذا بالتوازن فهي المطلوبة، أما إهدار واحد على حساب الثاني فهذا لا يمكن إلا بنص، بعذر، صلاة الخوف جاء فيها نصوص، لكن صلاة العراة ما جاء فيها نصوص، فيها إهدار لأركان القيام الركوع السجود، فيها محافظة على شيء من الشرط، فالمجتهد لا بد أن يحقق المصلحة بما لا يترتب عليه مفسدة، وهل تتحقق المصلحة بما ذكر هنا مع انتفاء المفسدة أو لا؟ أو نقول: المفسدة حاصلة، والمصلحة مهدرة، يأتي بما يستطيع، ويترك ما لا يستطيع ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) فالمأمور به يؤتى بالمستطاع، وهل المستطاع الآن القيام مستطاع، الركوع مستطاع، السجود مستطاع، لكنه يترتب عليه ...