تعرفون أنه إلى وقت قريب يعني أدركناه وأدركه غيرنا أنه لا يصلى شيء من هذه الصلوات في أوقات النهي؛ لأن الناس ماشيين على مذهب بين وواضح، شهر قول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- من قبل علماء كبار، والناس عموماً يثقون بمثل هؤلاء العلماء، وثقتهم بشيخ الإسلام أعظم، وقال كثير منهم: إذا قالت حذام فصدقوها، ما دام قاله شيخ الإسلام ما لأحد كلام، ثم صاروا يدخلون المساجد في أي وقت دون أي حرج وأي تردد، يبقى على أذان المغرب دقيقتين أو ثلاث ثم يركع ركعتين، لماذا؟ لأن من وثق به من أهل العلم قرر هذه المسألة، وجعلها من باب العموم والخصوص المطلق، وهذا إذا كان الأمر كذلك فلا إشكال، لكن الفريق الثاني يقولون، حتى الفريق الثاني يقول: العموم والخصوص مطلق، لكن العموم في أحاديث ذوات الأسباب، والخصوص في أحاديث النهي ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) هذا في جميع الأوقات، و"ثلاث ساعات" و"لا صلاة بعد العصر ولا بعد الصبح" خاصة بهذه الأوقات، فعلى هذا المنع هو قول الجمهور.
إذا نظرنا فيما قاله الفريقان، نجد أن التعارض بين النصوص من قبيل العموم والخصوص الوجهي، ليس المطلق، فأحاديث النهي عامة من وجه، خاصة من وجه، عامة في الصلوات خاصة في الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب عامة من وجه خاصة من وجه، عامة في الأوقات خاصة في الصلوات.
إذا كان التعارض من باب العموم والخصوص المطلق يحمل العام على الخاص، وينتهي الإشكال، لكن إذا كان التعارض من باب العموم والخصوص الوجهي حينئذٍ نحتاج إلى مرجح خارجي تتكافأ الأدلة؛ لأن هذا فيه عموم، وهذا فيه خصوص، وهذا فيه عموم، تتكافأ الأدلة، فنحتاج إلى مرجح خارجي.