المقصود أن المخصصات التي دخلت أحاديث النهي أكثر من المخصصات التي دخلت أحاديث ذوات الأسباب، فبهذا يرجح الشافعية قولهم، والجمهور رجحوا بأن الحظر مقدم على الإباحة، إذا نظرنا إلى الأحاديث وأن الإنسان يريد أن يتقرب إلى الله -جل وعلا-، فإذا منعه الشرع من هذه القربة، منعه الشرع، قال له: صل ثم قال له: لا تصل في هذا الوقت، فمن نظر إلى النصوص بهذه النظرة لا سيما الأوقات المضيقة التي أمرها شديد، والمشابهة فيها للكفار تامة ترجح عنده أحاديث النهي، لا سيما في الأوقات المضيقة.
الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب المناسك في كتاب الحج ذكر ترجمة "باب الطواف بعد العصر أو بعد الصبح وبعد العصر" وصلى عمر ركعتي الطواف بذي طوى، وأورد حديث عمر وغير حديث عمر في النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، فما الذي يترجح عنده؟ يترجح عنده المنع، وما في أخص من ذوات الأسباب من ركعتي الطواف التي جاء فيها:((لا تمنعوا)) ما في من ذوات الأسباب ما هو أخص منها، ومع ذلك البخاري -رحمه الله- قال:"صلى عمر ركعتي الطواف بذي طوى" طاف بعد الصبح ثم ركب دابته لما وصل إلى ذي طوى صلى ركعتي الطواف، لماذا صلى ركعتي الطواف بذي طوى؟ نعم أخرها ليخرج وقت النهي.
وعلى هذا والمسألة يعني قابلة للنظر، والأئمة يتنازعون فيها، لكن إذا دخل الإنسان مع غروب الشمس بقية دقيقتين أو ثلاث، وأن الشمس تضيفت للغروب، وهذا وقت سجود الكفار، يعني يصعب على النفس أن تصلي في هذا الوقت، لا سيما أنا أقول: الأوقات الثلاثة المضيقة يمتنع فيها المسلم عن الصلاة، إلا ما جاء في الفرائض.
الوقتان الموسعان الأمر فيهما أخف؛ لأن التشديد في حديث عقبة ليس عن شيء واحد، وإنما هو عن شيئين أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، يعني حتى صلاة الجنازة على أنها فرض كفاية، لا تصلى في هذه الأوقات الثلاثة المضيقة، بينما الأوقات الموسعة تصلى فيها الجنازة، وأمرها أوسع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من صلى بعد الصبح راتبة الصبح، وصلى ركعتي راتبة الظهر بعد صلاة العصر، فالأمر في ذلك أوسع، ومع ذلك لا يتساهل الإنسان.