" ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون " كيف تجد صدره يصف أهل الكتاب بالعلم على سبيل التوكيد القسمي وآخره ينفيه عنهم حيث لم يعلموا بعلمهم ونظيره في النفي والإثبات " وما رميت إذ رميت " وقوله " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم " فيسوقون الكلام على هذا مساقه على ذلك، وهكذا قد يقيمون من لا يكون سائلاً مقام من يسأل فلا يميزون في صياغة التركيب للكلام بينهما وإنما يصبون لهما في قالب واحد إذا كانوا قدموا إليه ما يلوح مثله للنفس اليقظى بحكم ذلك الخبر فيتركها مستشرفة له استشراف الطالب المتحير يتميل بين إقدام للتلويح وإحجام لعدم التصريح فيخرجون الجملة إليه مصدرة بان ويرون سلوك هذا الأسلوب في أمثال هذه المقامات من كمال البلاغة وإصابة المحز أو ما ترى بشاراً كيف سلكه في رائيته:
بكرا صاحبي قبل الهجير ... إن ذاك النجاح في التبكير
حين استهواه التشبه بأئمة صناعة البلاغة المهتدين بفطرتهم على تطبيق مفاصلها وهم الأعراب الخلص من كل حارش يربوع وضب تلقاه