في بلاغته يضع الهناء مواضع النقب دون المولدين الذين قصارى أمرهم في مضمار البلاغة أو أن الاستباق إذا استفرغوا مجهودهم الاقتداء بأولئك ومن الشواهد لما نحن فيه شهادة غير مردودة رواية الأصمعي تقبيل خلف الأحمر بين عيني بشار بمحضر أبي عمرو بن العلاء حين استنشداه قصيدته هذه على ما روى من أن خلفاً قال لبشار بعد ما أنشد القصيدة لو قلت يا أبا معاذ مكان إن ذاك النجاح
بكراً فالنجاح في التبكير كان أحسن، فقال إنما قلتها يعني قصيدته أعرابية وحشية فقلت أن ذاك النجاح في التبكير كما يقول الأعراب البدويون ولو قلت بكراً فالنجاح في التبكير كان هذا من كلام المولدين ولا يشبه ذلك الكلام ولا يدخل في معنى القصيدة التي قلتها فقام خلف وقبل، فهل فحوى ما جرى بين بشار وصاحبيه وهم من فحولة هذا النوع ومن المهرة المتقنين والسحرة المؤخذين الأراشحة بتحقيق ما أنت منه على ريبة وقل لي مثل بشار، وقد تعمد أن يهدر بشقشقة سكان مها في الريح من كل ما ضغ قيصوم وشيح إذا خاطب ببكرا محرضا صاحبيه على التشمير عن ساق الجد في شأن السفار أفتراه لا يتصورهما حائمين حول هل التبكير يثمر النجاح فيتجانف عن التوكيد ولا يتلقاهما بأن هيهات ونظيره:
فغنها وهي لك الفداء ... أن غناء الإبل الحداء
وفي التنزيل " ولا تخاطبني في الذين ظلموا أنهم مغرقون " وكذا " وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء " وكذا وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم " وكذا " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة