للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو للحذاق المهرة في هذا الفن والعلماء النحارير، ومتى اختص موقعه بشيء من ذلك كساه فضل بهاء ورونق، وأورث السامع زيادة هزة ونشاط، ووجد عنده من القبول أرفع منزلة ومحل إن كان ممن يسمع ويعقل وقليل ما هم أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون، ولأمر ما وقع التباين الخارج عن الحد بين مفسر لكلام رب العزة ومفسر وبين غواص في بحر فرائده وغواص، وكل التفات وارد في القرآن متى صرت من سامعيه عرفك ما موقعه، وإذا أحببت أن تصير من سامعيه فأصخ ثم ليتل عليك قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فلعلك ممن يشهد له الوجدان بحيث يغنيه عن شهادة ما سواه أليس أن المرء إذا أخذ في استحضار جنايات جان متنقلا فيها عن الإجمال على التفصيل وجد من نفسه تفاوتا في الحال بينا لا يكاد يشبه آخر حاله هناك أولها، أو ما تراك إذا كنت في حديث مع إنسان وقد حضر مجلسكما من له جنايات في حقك كيف تصنع تحول عن الجاني وجهك وتأخذ في الشكاية عنه على صاحبك تثبته الشكوى معددا جناياته واحدة فواحدة وأنت فيما بين ذلك واجد مزاجك يحمى على تزايد يحرك حالة لك غضبية تدعوك على أن تواثب ذلك الجاني وتشافهه بكل سوء وأنت لا تجيب على أن تغلب فتقطع الحديث مع الصاحب ومباثتك إياه وترجع على الجاني مشافها له بالله قل لي هل عامل أحد مثل هذه المعاملة هل يتصور معاملة أسوأ مما فعلت أما كان لك حياء يمنعك أما كانت لك مروءة تردعك عن هذا، وإذا كان الحاضر لمجلسكما ذا نعم عليك كثيرة فإذا أخذت في تعديد نعمه عند صاحبك مستحضرا لتفاصيلها أحسست من نفسك بحالة كأنها تطالبك بالإقبال على منعمك وتزين لك ذلك ولا تزال

<<  <   >  >>