تتزايد ما دمت في تعديد نعمه حتى تحملك من حيث لا تدري على أن تجدك وأنت معه في الكلام تثني عليه وتدعو له وتقول بأي لسان أشكر صنائعك الروائع وبأية عبارة أحصر عوارفك الذوارف وما جرى ذلك المجرى، وإذا وعيت ما قصصته عليك وتأملت الالتفات في " إياك نعبد وإياك نستعين " بعد تلاوتك لما قبله من قوله " الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين " على الوجه الذي يجب وهو التأمل القلبي علمت ما موقعه وكيف أصاب المحز وطبق مفصل البلاغة لكونه منبها على أن العبد المنعم عليه بتلك النعم العظام الفائتة للحصر إذا قدر أنه ماثل بين يدي مولاه من حقه إذا أخذ في القراءة أن تكون قراءته على وجه يجد معها من نفسه شبه محرك على الإقبال على من يحمد صائر في أثناء القراءة على حالة شبيهة بإيجاب ذلك عند ختم الصفات مستدعية انطباقها على المنزل على ما هو عليه وإلا لم تكن قارئا، والوجه هو إذا افتتح التحميد أن يكون افتتاحه عن قلب حاضر ونفس ذاكرة يعقل فيم هو وعند من هو، فإذا انتقل من التحميد على الصفات أن يكون انتقاله محذوا به حذو الافتتاح فإنه متى افتتح على الوجه الذي عرفت مجريا على لسانه الحمد لله أفلا يجد محركا للإقبال على من يحمد من معبود عظيم الشأن حقيق بالثناء والشكر مستحق للعبادة، ثم إذا انتقل على نحو الافتتاح على قوله رب العالمين وأصفاله بكونه ربا مالكا للخلق لا يخرج شيء من ملكوته وربوبيته افترى ذلك المحرك لا يقوى، ثم إذا قال الرحمن الرحيم فوصفه بما ينيء عن كونه منعما غلى الخلق بأنواع النعم جلائلها ودقائقها مصيبا إياهم بكل معروف أفلا تتضاعف قوة ذلك المحرك عند هذا، ثم إذا آل الأمر على خاتمة هذه الصفات وهي " مالك يوم الدين " المنادية على كونه مالكا للأمر كله في العاقبة يوم الحشر للثواب والعقاب فما ظنك بذلك المحرك