لا يحتمل الطلب إلا في التصديق والمسند إليه لكون المسند فيه نفس الثبوت والانتفاء مستغنيا عن الطلب، والثاني يحتمله في التصديق وطرفيه. وأما الأمر والنهي والنداء فلطلب الحصول في الخارج. إما حصول انتفاء متصور كقولك في النهي للمتحرك لا تتحرك فإنك تطلب بهذا الكلام انتفاء الحركة في الخارج، وإما حصول ثبوته كقولك في الأمر قم وفي النداء يا زيد فإنك تطلب بهذين الكلامين حصول قيام صاحبك وإقباله عليك في الخارج، والفرق بين الطلب في الاستفهام وبين الطلب في الأمر والنهي والنداء واضح فإنك في الاستفهام تطلب ما هو في الخارج ليحصل في ذهنك نقش له مطابق وفيما سواه تنقش في ذهنك، ثم تطلب أن يحصل له في الخارج مطابق فنقش الذهن في الأول تابع وفي الثاني متبوع، وتوفيه هذه المعاني حقها تستدعي مجالا غير مجالنا هذا فلنكتف بالإشارة إليها ومجرد التنبيه عليها، وإذ قد عثرت على ما رفع لك فبالحري أن تبين كيف يتفرع عن هذه الأبواب الخمسة التمني والاستفهام والأمر والنهي. والنداء ما يتفرع على سبيل الجملة إذ لا بد منه. ثم الفصول الآتية في علم البيان لتلاوتها عليك ما تترقب من التفصيل هنالك ضمناه فنقول: متى امتنع إجراء هذه الأبواب على الأصل تولد منها ما ناسب المقام كما إذا قلت لمن همك ليتك تحدثني، امتنع إجراء التمني والحال ما ذكر على أصله فتطلب الحديث من صاحبك غير مطموع في حصوله وولد بمعونة قرينة الحال معنى السؤال أو كما إذا قلت هل لي من شفيع في مقام لا يسع إمكان التصديق بوجود الشفيع امتنع إجراء الاستفهام على أصله وولد بمعونة قرائن
الأحوال معنى التمني، وكذا إذا قلت لو يأتيني زيد فيحدثني بالنصب طالبا لحصول الوقوع فيما يفيد لو من تقدير غير الواقع واقعاً ولد التمني وسبب توليد لعل معنى التمني في قولهم لعلي سأحج فأزورك بالنصب هو بعد المرجو عن الحصول أو كما إذا قلت لمن تراه لا ينزل ألا تنزل فتصيب خبرا امتنع أن يكون المطلوب بالاستفهام التصديق بحال نزول صاحبك لكونه حاصلا ويوجه بمعونة قرينة الحال على نحو ألا تحب النزول مع محبتنا إياه وولد معنى العرض كما إذا قلت لمن تراه يؤذي الأب أتفعل هذا امتنع توجه الاستفهام على فعل الأذى لعلمك بحاله، وتوجه على ما لا تعلم مما يلابسه من نحو أتستحسن، وولد الإنكار والزجر أو كما إذا قلت لمن يهجو أباه مع حكمك بأن هجو الأب ليس شيئاً غير هجو النفس هل تهجو إلا نفسك أو غير نفسك امتنع منك إجراء الاستفهام على ظاهره لاستدعائه أن يكون الهجو احتمل عندك توجها على غيره، وتولد منه بمعونة القرينة الإنكار والتوبيخ أو كما إذا قلت لمن يسيء الأدب ألم أؤدب فلانا امتنع أن تطلب العلم بتأديبك فلانا وهو حاصل، وتولد منه الوعيد والزجر أو كما إذا قلت لمن بعثت على مهم وأنت تراه عندك. أما ذهبت بعد امتنع الذهاب عن توجه الاستفهام إليه لكونه معلوم الحال واستدعى شيئاً مجهول الحال مما يلابس الذهاب مثل: أما يتيسر لك الذهاب، وتولد منه الاستبطاء والتحضيض، أو كما إذا قلت لمن يتصلف وأنت تعرفه، ألا أعرفك امتنعت معرفتك به عن الاستفهام وتوجه على مثل أتظنني لا أعرفك، وتولد الإنكار والتعجب والتعجيب، أو كما إذا قلت لمن جاءك أجئتني امتنع المجيء عن الاستفهام، وولد بمعونة القرينة التقرير، أو كما إذا قلت لمن يدعي أمراً ليس في وسعه افعله امتنع أن يكون المطلوب بالأمر حصول ذلك الأمر في الخارج بحكمك عليه بامتناعه، وتوجه على مطلوب ممكن الحصول مثل بيان عجزه، وتولد التعجيز والتحدي، أو كما إذا قلت لعبد شتم مولاه وأنك أدبته حق التأديب أو أوعدته على ذلك أبلغ إيعاد اشتم مولاك، امتنع أن يكون المراد الأمر بالشتم والحال ما ذكر، وتوجه بمعونة قرينة الحال على نحو أعرف لا زم الشتم وتولد منه التهديد، أو كما إذا قلت لعبد لا يمتثل أمرك لا تمتثل أمري امتنع طلب ترك الامتثال لكونه حاصلا، وتوجه على غير حاصل مثل لا تكترث لأمري ولا تبال به، وتولد منه التهديد، أو كما إذا قلت لمن أقبل عليك يتظلم يا مظلوم امتنع توجيه النداء على طلب الإقبال لحصوله، وتوجه على غير حاصل مثل زيادة الشكوى بمعونة قرينة الحال، وتولد منه الإغراء ولنقتصر فمن لم يستضئ بمصباح لم يستضئ بإصباح ناقلين الكلام على التصفح لأبواب الطلب. معنى التمني، وكذا إذا قلت لو يأتيني زيد فيحدثني بالنصب طالبا لحصول الوقوع فيما يفيد لو من تقدير غير الواقع واقعاً ولد التمني وسبب توليد