للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يطلب ربما انتقشت في الخيال صورته لكثرة ما يناجي به نفسه فيخيل إليه غير الحاصل حاصلاً حتى إذا حكم الحس بخلافه غلطه تارة واستخرج له محملا أخرى، وعليه قول شيخ المعرة.

ما سرت إلا وطيف منك يصطحبني ... سرى أمامك وتأويبا على أثري

يقول لكثرة ما ناجيت نفسي بك انتقشت في خيالي فأعدك بين يدي مغلطا للبصر بعلة الظلام إذا لم يدركك ليلا أمامي واعدك خلفي إذا لم يتيسر لي تغليطه حين لا يدركك بين يدي تارة لقصد الكناية كقول العبد لمولى إذا حول عنه الوجه ينظر المولى على ساعة ووجه حسنه إما نفس الكناية إن شئت، وإما الاحتراز عن صورة الأمر وإما هما، وتارة لحمل المخاطب على المذكور أبلغ حمل بألطف وجه كما إذا سمعت من لا تحب أن ينسب على الكذب يقول لك تأتيني غدا أو لا تأتيني، وتارة مناسبات أخر فتأملها ففيها كثرة، وما من آية من آي القرآن واردة على هذا الأسلوب إلا مدارها على شيء من هذه النكت. قال تعالى " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله " في موضع لا تعبدوا " وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون إلا دماءكم " في موضع لا تسفكوا

<<  <   >  >>