الاعتبارات والأمر في باب التعجب من نحو أكرم بزيد على قول من يقول إنه بمعنى الخبر آخذا همزته من قبيل ذي كذا جاعلا الباء زائدة مثلها في كفى بالله منخرط في هذا السلك، ولهذا النوع أعني إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر أساليب متفننة إذ ما من مقتضى كلام ظاهري ألا ولهذا النوع مدخل فيه بجهة من جهات البلاغة على ما تنبه على ذلك منذ اعتنينا بشأن هذه الصناعة وترشد إليه تارة بالتصريح وتارات بالفحوى، ولكل من تلك الأساليب عرق في البلاغة يتشرب من أفانين سحرها ولا كأسلوب الحكيم فيها وهو تلقي المخاطب بغير ما يترقب كما قال:
أنت تشتكي عندي مزاولة القرى ... وقد رأت الضيفان ينحون منزلي
فقلت كأني ما سمعت كلامها ... هم الضيف جدي في قراهم وعجلي
أو السائل بغير ما يتطلب كما قال تعالى " يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " قالوا في السؤال ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط، ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ ويستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ فأجيبوا بما ترى، وكما قال يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل " سألوا عن بيان ما ينفقون فأجيبوا ببيان المصرف، ينزل سؤال السائل منزلة سؤال غير سؤاله لتوخي التنبيه له بألطف وجه على تعديه عن موضع سؤال هو أليق بحاله أن يسأل عنه أو أهم له إذا تأمل، وأن هذا الأسلوب الحكيم لربما صادف المقام فحرك من نشاط السامع ما سلبه حكم الوقور وأبرزه في معرض المسحور، وهل ألان شكيمة الحجاج لذلك الخارجي