في الهيئة الحاصلة من الاستدارة مع صفاء اللون واتصال الحركة وشبه مراوحة المتحرك بين انبساط وانقباض، وذلك لأن البوتقة إذا أحميت وذاب فيها الذهب وأخذ يتحرك فيها بجملته من غير غليان متشكلا بشكل البوتقة في الاستدارة تلك الحركة العجيبة كأنه يهم بأن ينبسط حتى يفيض من جوانب البوتقة لما في طبعه من النعومة ثم يبدو له فيرجع على الانقباض لما بين أجزائه من كمال التلاحم وقوة الاتصال والبوتقة في ضمن ذلك متحركة تبعاً مؤدية مع الذهب الذائب فيها الهيئة المذكورة فإن الشمس إذا أحد الإنسان النظر إليها ليتبين جرمها وجدها مؤدية للهيئتين، وكوجه الشبه في قوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
فليس المراد من التشبيه تشبيه النقع بالليل ثم تشبيه السيوف بالكواكب إنما المراد تشبيه الهيئة الحاصلة من النقع الأسود والسيوف البيض متفرقات فيه بالهيئة الحاصلة من الليل المظلم والكواكب المشرقة في جوانب منه، وفي قوله:
وكأن أجرام النجوم لوامعا ... درر نثرن على بساط أزرق
فليس المراد تشبيه النجوم بالدرر ثم تشبيه السماء بالبساط الأزرق إنما المراد تشبيه الهيئة الحاصلة من النجوم البيض المتلألئة في جوانب من أديم السماء الملقية قناعها عن الزرقة الصافية بالهيئة الحاصلة المستطرفة من درر منثورة على بساط أزرق دون شيء آخر مناسب للدرر في الحسن والقيمة، وفي قوله:
كأنما المريخ والمشتري ... قدامه في شامخ الرفعه
منصرف بالليل عن دعوة ... قد أسرجت قدامه شمعه
فالمراد تشبيه الهيئة الحاصلة من المريخ والمشتري قدامه بالهيئة الحاصلة من المنصرف عن الدعوة مسرج الشمع من دونه وتسمى أمثال ما ذكر