من الأبيات تشبيه المركب بالمركب والمذكور قبلها تشبيه المفرد بالمفرد، وهذا فن له فضل احتاج على سلامة الطبع وصفاء القريحة فليس الحاكم في تمييز البابين إذا التبس أحدهما بالآخر سوى ذلك، ومن تشبيه المفرد بالمفرد قوله:
وإما أن يكون مستنداً على العقل كما إذا شبهت أعمال الكفرة بالسراب في المنظر المطمع مع المخبر المؤيس وكما إذا شبهت الحسناء من منبت السوء بخضراء الدمن في حسن المنظر المنضم على سوء المخبر والتعري عن إثمار خير أو الجماعة المتناسبة في الخصال الممتنعة لذلك عن تعيين فاضل بينهم ومفضول بالحلقة المفرغة الممتنعة عن تعيين بعضه طرفاً وبعضه وسطاً. وأما القسم الثالث وهو أن لا يكون وجه التشبيه أمراً واحداً ولا منزلا منزلة الواحد فهو على أقسام ثلاثة أن يكون تلك الأمور حسية أو عقلية أو البعض حسياً والبعض عقلياً، فالأول كما إذا شبهت فاكهة بأخرى في لون وطعم ورائحة. والثاني إذا شبهت بعض الطيور بالغراب في حدة النظر وكمال الحذر وإخفاء السفاد. والثالث كما إذا شبهت إنسانا بالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن وعلو الرتبة.
واعلم أنه ليس بملتزم فيما بين أصحاب علم البيان أن يتكلفوا التصريح بوجه التشبيه على ما هو به بل قد يذكرون على سبيل التسامح ما إذا أمعنت فيه النظر لم تجده إلا شيئاً مستتبعاً لما يكون وجه التشبيه في