الحضور في الذهن، إما في نفس الأمر كالذي نحن فيه، فإذا أحضر استطرف استطراف النوادر عند مشاهدتها واستلذ استلذاذها لجدتها فلكل جديد لذة، وإما مع حضور المشبه في أوان الحديث فيه مثل حضور النار والكبريت مع حديث البنفسج والرياض كما في قوله:
ولازوردية تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت
فإن صورة اتصال النار بأطراف الكبريت ليست مما يمكن أن يقال أنها نادرة الحضور في الذهن ندرة صورة بحر من المسك موجه الذهب، وإنما النادر حضورها مع حديث البنفسج فإذا أحضر إحضارا مع الشبه استطرف لمشاهدة عناق بين صورتين لا تتراءى ناراهما، وهل الحكاية المعروفة في حديث حسد جرير لعدي بن الرقاع إلا لعين ما نحن فيه. يحكى أن جريرا قال أنشدني عدي
عرف الديار توهما فاعتادها
فلما بلغ على قوله
تزجى أغن كأن إبرة روقه
رحمته، وقلت قد وقع ما عساه يقول وهو أعرابي جلف جاف فلما قال