قلم أصاب من الدواة مدادها ... استحالت الرحمة حسدا.
وأما الغرض العائد على المشبه به فمرجعه على إيهام كونه أتم من المشبه في وجه التشبيه كقوله:
وبدا الصباح كأن غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح
فإنه تعمد إيهام أن وجه الخليفة في الوضوح أتم من الصباح وكقوله:
وكأن النجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهن ابتداع
فإنه حين رأى ذوي الصياغة للمعاني شبهوا الهدى والشريعة والسنن وكل ما هو علم بالنور لجعل صاحبها في حكم من يمشي في نور الشمس فيهتدي على الطريق المعبد فلا يتعسف فيعثر تارة على عدو قتال ويتردى أخرى في مهواة مهلكة وشبهوا الضلالة والبدعة وكل ما هو جهل بالظلمة لجعل صاحبها في حكم من يخبط في الظلماء فلا يهتدي على الطريق فلا يزال بين عثور وبين ترد قصد في تشبيه هذا تفضيل السنن في الوضوح على النجوم وتنزيل البدع في الإظلام فوق الدياجي، وكقوله:
ولقد ذكرتك والظلام كأنه ... يوم النوى وفؤاد من لم يعشق
فإنه أيضا حين رأى الأوقات التي تحدث فيها المكاره وصفت بالسواد كقولهم: اسود النهار في عيني وأظلمت الدنيا علي جعل يوم النوى كأنه أعرف وأشهر بالسواد من الظلام فشبهه به ثم عطف عليه فؤاد من لم يعشق تطرفا فإن الغزل يدعى القسوة من لا يعرف العشق والقلب القاسي يوصف بشدة السواد فنظمه في سلكه وكقوله: