الشيء لا يتحصل إلا بتكرره على النفس ولو كان التكرار يورث الكراهة لكان المألوف أكره شيء عند النفس وامتنع إذ ذاك نزعها على مألوف والوجدان يكذب ذلك، وإذ قد تقدم إليك ما ذكرناه فنقول من أسباب قرب التشبيه وكونه نازل الدرجة أن يكون وجهه أمراً واحداً كالسواد في قولك هندي كالفحم أو البياض في قولك شهد كالثلج أو أن يكون المشبه به مناسبا للمشبه كما إذا شبهت الجرة الصغيرة بالكوز أو الجزرة الضخمة المستطيلة بالفجل أو العنبة الكبيرة السوداء بالإجاصة أو أن يكون المشبه به غالب الحضور في خزانة الصور بجهة من الجهات كما إذا شبهت الشعر الأسود بالليل أو الوجه الجميل بالبدر أو المحبوب بالروح، ومن أسباب بعده وغرابته أن يكون وجه التشبيه أمورا كثيرة كما في تشبيه سقط النار بعين الديك أو تشبيه الثريا بعنقود الكرم المنور، أو تشبيه نحو قوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهوى كواكبه