للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما هي متعلقات معانيها: أي إذا أفادت هذه الحروف معاني رجعت على هذه بنوع استلزام فلا تستعير الفعل إلا بعد استعارة مصدره فلا تقول نطقت الحال بدل دلت إلا بعد تقرير استعارة نطق الناطق لدلالة الحال على الوجه الذي عرفت من إدخال دلالة الحال في جنس نطق الناطق لقصد المبالغ في التشبيه وإلحاق إيضاح دلالة الحال للمعنى بإيضاح نطق الناطق له، وكذا إذا قلت الحال ناطقة بكذا بدل دالة على كذا وكذا، قوله عز سلطانه " فبشرهم بعذاب أليم " في الاستعارة التهكمية بدل فأنذرهم، وقول قوم شعيب " إنك لأنت الحليم الرشيد " بدل السفيه الغوي لقرائن أحوالهم ومما نحن فيه قولهم للشمس جونة لشدة ضوئها، والجون الأسود وللغراب أعور لحدة بصره وعلى هذا لا تستعير الحرف إلا بعد تقدير الاستعارة في متعلق معناه، فإذا أردت استعارة لعل لغير معناها قدرت الاستعارة في معنى الترجي، ثم استعملت هناك لعل مثل أن تبنى على أصول العدل ذاهبا على أن الصانع حكيم تعالى ونقدس أن يكون في أفعاله عبث بل كل ذلك حكمة وصواب مفعول لغرض صحيح ما خلق الإنسان إلا لغرض الإحسان، وحين ركب فيه الشهوة الحاملة على فعل ما يجب تركه والنفرة الحاملة على ترك ما يجب فعله وأودع عقله المضادة لحكميهما حتى تنازعته أيدي الدواعي والصوارف فوقفت به حيث الحيرة لا متقدم له عنه ولا متأخر تحمله الحيرة على ما لا يورثه إلا العناء إذا اتبع العقل وقع من النفس المشتهية النافرة في عناء، وإذا اتبع النفس وقع من العقل الناهي الآمر في عناء لا مخلص هناك مما أوقعه في ورطة

<<  <   >  >>