تلك الحيرة سفها ولا عبثا " تعالى عن ذلك علواً كبيراً " وإنما فعل ذلك لغرض الإحسان وهو التكليف ليتمكن من اكتساب ما لا يحسن فعله في حقه ابتداء من التعظيم العظيم مع الدوام في ضمن التمتيع من أنواع المشتهيات بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال أحد مخلصة أن يشوبها منغص ما فيكتسبه إن شاء لا بالقسر، ولذلك وضع زمام الاختيار في يده ممكنا إياه من فعل الطاعة والمعصية مريدا منه أن يختار ما يثمر له تلك السعادة الأبدية مزيحا في ذلك جميع علله فتشبه حال المكلف الممكن من فعل الطاعة والمعصية مع الإرادة منه أن يطيع باختياره بحال المرتجى المخير بين أن يفعل وأن لا يفعل، ثم تستعير لجانب المشبه لعل جاعلا قرينة الاستعارة علم العالم بالذات الذي لا يخفى عليه خافية يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون قائلا خلق الله الخلق لعلهم يعبدون أو لعلهم يتقون، وعليه قول رب العزة علام الغيوب " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " ونظائره، وإذا أردت استعارة لام الغرض قدرت الاستعارة في معنى الغرض ثم استعملت لام الغرض هناك مثل أن يكون عندك ترتب وجود أمر على أمر من غير أن يكون الثاني مطلوبا بالأول ويكون الأول غرضا فيه فتشبهه بترتب وجود بين أمرين مطلوب بالأول منهما الثاني ثم تستعير للترتب المشبه كلمة الترتيب المشبه به في ضمن قرينة مانعة عن حملها على ما هي موضوعة له فتقول إذا رأيت عاقلا قد أحسن على إنسان ثم آذاه ذلك أنه قد أحسن إليه ليؤذيه ومن ذلك قوله علت كلمته " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا "