القسم السابع والقسم الثامن: في تجريد الاستعارة وترشيحها. اعلم أن الاستعارة في نحو عندي أسد إذا لم تعقب بصفات أو تفريع كلام لا تكون مجردة ولا مرشحة وإنما يلحقها التجريد أو الترشيح إذا عقبت بذلك، ثم إن الضابط هناك أصل واحد وهو أنك قد عرفت أن الاستعارة لا بد لها من مستعار له ومستعار منه فمتى عقبت بصفات ملائمة للمستعار له أو تفريع كلام ملائم له سميت مجردة ومتى عقبت بصفات أو تفريع كلام ملائم للمستعار منه سميت مرشحة مثالها في التجريد أن تقول ساورت أسدا شاكي السلاح طويل القناة صقيل العضب وجاورت بحرا ما أكثر علومه وما أجمعه للحقائق وما أوقفه على الدقائق ومثالها في الترشيح ان تقول ساورت أسدا هصورا عظيم اللبدتين وافي البراثن منكر الزئير وجاورت بحرا زاخرا لا يزال يتلاطم أمواجه ولا يغيض فيضه ولا يدرك قعره ولا أعني بالصفات الصفات النحوية بل الوصف المعنوي كيف كان، ومبني الترشيح على تناسي التشبيه وصرف النفس عن توهمه حتى لا تبالي أن تبنى على علو القدر وسمو المنزلة بناءك على العلو المكاني والسمو كما فعل أبو تمام إذ قال:
ويصعد حتى يظن الجهو ... ل بأن له حاجة في السماء
وابن الرومي إذ قال:
أعلم الناس بالنجوم بنو نو ... بخت علما لم يأتهم بالحساب