هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب في هذا الفصل، ولو أنهم جعلواً قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بأن قلبوا فجعلواً في قولهم نطقت الحال بكذا الحال التي ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلم بوساطة المبالغة في التشبيه على مقتضى المقام وجعلواً نسبة النطق إليه قرينة الاستعارة كما نراهم في قوله وإذا المنية أنشبت أظفارها يجعلون المنية استعارة بالكناية عن السبع ويجعلون إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة، وهكذا لو جعلواً البخل استعارة بالكناية عن حي أبطلت حياته بسيف أو غير سيف فالتحق بالعدم وجعلواً نسبة القتل إليه قرينة، ولو جعلواً أيضا اللهذميات استعارة بالكناية عن المطعومات اللطيفة الشهية على سبيل التهكم وجعلواً نسبة لفظ القرى إليها قرينة الاستعارة لكان أقرب على الضبط فتدبره وإذ قد عرفت ما ذكرت فلا بأس أن أحكي لك ما عند السلف في تعريف الاستعارة حدها عند بعضهم تعليق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإنابة، وعند الأكثر جعل الشيء الشيء لأجل المبالغة في التشبيه كقولك: رأيت أسدا في الحمام وجعل الشيء للشيء لأجل المبالغة في التشبيه كقولك لسان الحال وزمام الحكم ولا أزيد على الحكاية.