بالكناية وأن لا تشمها في كلامك من جانب اللفظ رائحة من التشبيه ولذلك نوصي في الاستعارة بالتصريح أن يكون الشبه بين المستعار له والمستعار منه جليا بنفسه أو معروفا سائرا بين الأقوام وإلا خرجت الاستعارة عن كونها استعارة ودخلت في باب التعمية والألغاز كما إذا قلت رأيت عودا مسقيا أوان الغرس وأردت إنسانا مؤدبا في صباه أو قلت رأيت إبلا مائة لا تجد فيها راحلة وأردت الناس، وأما حسن الاستعارة التخييلية فبحسب حسن الاستعارة بالكناية متى كانت تابعة لها كما في قولك فلان بين أنياب المنية ومخالبها ثم إذا انضم إليها المشاكلة كما في قوله عز اسمه " يد الله فوق أيديهم " كانت أحسن وأحسن وقلما تحسن الحسن البليغ غير تابعة لها ولذلك استهجنت في قول الطائي:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي
ولما أن الاستعارة مبناها على التشبيه تتنوع على خمسة أنواع تنوع التشبيه إليها. استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي أو بوجه عقلي واستعارة معقول لمعقول واستعارة محسوس لمعقول واستعارة معقول لمحسوس، فمن النوع الأول قوله عز اسمه " واشتغل ارأس شيبا " فالمستعار منه هو النار والمستعار له هو الشيب والجامع بينهما هو الانبساط ولكنه في النار أقوى فالطرفان حسيان ووجه الشبه حسي، ومن الثاني قوله عز اسمه " إذا أرسلنا عليهم الريح العقيم "