من أن رأت رأسي كرأس الأصلع ... ميز عنه قنزعا عن قنزع
جذب الليالي أبطئي أو أسرعي
حين نسب انحسار الشعر عن الرأس على الزمان قائلا
ميز عنه قنزعا عن قنزع جذب الليالي لكونه مجازا بما أتبعه
من قوله:
أفناه قيل الله للشمس اطلعي ... حتى إذا واراك أفق فارجعي
الشاهد لنزاهته أن يريد حمل كلامه السابق على الظاهر ولئلا يمتنع عكسه بمثل كسا الخليفة الكعبة وهزم الأمير الجند فليس في العقل امتناع أن يكسو الخليفة نفسه الكعبة ولا امتناع أن يهزم الأمير وحده الجند ولا يقدح ذلك في كونهما من المجاز العقلي وإنما قلي لضرب من التأويل ليحترز به عن الكذب فإنه لا يسمى مجازا مع كونه كلاما مفيداً خلاف ما عند المتكلم وإنما قلت إفادة للخلاف لا بواسطة وضع ليحترز به عن المجاز اللغوي في صورة وهي إذا ادعى أن أنبت موضوع لاستعماله في القادر المختار أو وضع لذلك فإن المجاز حينئذ يسمى لغويا وضعيا لا عقليا، وإنما قلت بوساطة وضع على التنكير دون أو أقول الوضع ليشمل وضع اللغة إن ادعى ووضع غيرها إن ارتكب ولأجل هذه الصورة لا ترى علماء هذا الفن يحكمون على نحو أنبت الربيع البقل بكونه مجازا عقليا إلا بعد بيان أن صيغ الأفعال في معنى نسبتها على الفاعل ليست تدل على معنى سوى صدورها عن شيء ما فأما أن ذلك الشيء قادر أم غير قادر فليس بداخل في مفهوماتها وضعا