للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبينون ذلك بوجوه: منها أن وضعها لاستعمالها في القادر قيد ما نقل عن أحد من رواة اللغة وترك ذكر القيد دليل في العرف على الإطلاق وحكم العقل بأن لا بد لها من مؤثر قادر إن لم يجعل دليلا في ترك تقييدها بذلك في الوضع لعدم الحاجة من أجل شهادة العقل فلا أقل من أن لا يجعل دليلا في التقييد لا سيما والعقل يجوز في أحيا وأشاب وأنبت وأمثالها صدورها عن القادر بوساطة مؤثر لا يكون موصوفا بالقدرة. ومنها فعل في قولهم فعل الربيع النور لو كان موضوعا لاستعماله في القادر، ومن المعلوم أن التفاوت بين الفعل ومصدره لا يكون إلا بمجرد الاقتران بالزمان لكان يلزم أن يكون قولنا فعل النار في كذا وكذا وفعل الماء في كذا وكذا وفعل الدواء الفلاني كذا مجازا معلوما لكل أحد لكن ادعاء ذلك عن الإنصاف بمعزل. ومنها أن نحو خلق وأحيا وأشاب وأنبت لو كانت موضوعة لاستعمالها في القادر بناء على حكم العقل بأنها لا توجد إلا باختيار مختار لكان نحو شغل الحيز وقبل العرض ونافى الضد موضوعة لاستعمالها في غير القادر بناء على حكم العقل بأن شغل الحيز وقبول العرض ومنافاة الضد ليست بالاختيار ودعوى كونها موضوعة لذلك دعوى غير مسموعة من السلف، ويسمى هذا النوع مجازا لتعدي الحكم فيه عن مكانه الأصلي فالحكم في أنبت الربيع البقل بكون الإنبات فعلا للربيع مكانه الأصلي عند العقل كونه فعلا لله عز وجل وفي هزم الأمير الجند بكون هزم الجند فعلا للأمير مكانه الأصلي عند العقلاء كونه فعلا لعسكر الأمير، ويسمى عقليا لا لغويا لعدم رجوعه على الوضع وكثيراً ما يسمى حكميا لتعلقه بالحكم كما ترى ومجازا في الإثبات أيضا لتعلقه

<<  <   >  >>