مستبدع في أيما نوع فرد أن ينزل عن أصحابه ما هو أشبه بذلك النوع في بعض الأصول أو الفروع أو التطبيق للبعض بالبعض متى كانوا المخترعين له وإنما يستبدع ذلك ممن زجى عمره راتعا في مائدتهم تلك، ثم لم يقو أن يتنبه وعلماء هذا الفن وقليل ما هم كانوا في اختراعه واستخراج أصوله وتمهيد قواعدها وأحكام أبوابها وفصولها والنظر في تفاريعها واستقراء أمثلتها اللائقة بها وتلقطها من حيث يجب نلقطها وأتعاب الخاطر في التفتيش والتنقير عن ملاقطها وكد النفس والروح في ركوب المسالك المتوعرة على الظفر بها مع تشعب هذا النوع على شعب بعضها أدق من البعض وتفننها أفانين بعضها أغمض من بعض كما عسى أن يقرع سمعك طرف من ذاك فعلواً ما وفت به القوة البشرية إذ ذاك، ثم وقع عند فتورها منهم ما هو لازم الفتور. وأما بعد فإن خلاصة الأصلين هي أن الكلمة لا تفيد ألبتة إلا بالوضع أو الاستلزام بوساطة الوضع، وإذا استعملت فإما أن يراد معناها وحده أو غير معناها وحده أو معناها وغير معناها معا. فالأول هو الحقيقة في المفرد وهي تستغني في الإفادة بالنفس عن الغير. والثاني هو المجاز في المفرد وأنه مفتقر على نصب دلالة مانعة عن إرادة معنى الكلمة. والثالث هو الكناية ولا بد من دلالة حال والحقيقة في المفرد والكنابة تشتركان في كونهما حقيقيتين ويفترقان في التصريح وعدم التصريح، وغير معناها في المجاز إما أن يقدر قائما مقام معناها بوساطة المبالغة في التشبيه أو لا يقدر والأول هو الاستعارة والثاني هو المجاز المرسل والمذكور في الاستعارة إما أن يكون هو المشبه به أو المشبه والأول هو الاستعارة بالتصريح والثاني هو الاستعارة