للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذاكرا الملزوم النبت مريدا به لازمه بمنزلة مدعي الشيء ببينه فإن وجود الملزوم شاهد لوجود اللازم لامتناع انفكاك الملزوم عن اللازم لأداء انفكاكه عنه على كون الشيء ملزوما غير ملزوم باعتبار واحد، وفي قولك رعينا النبت مدعى للشيء لا ببينه وكم بين ادعاء الشيء ببينه وبين ادعائه لا بها، والسبب في أن الاستعارة أقوى من التصريح بالتشبيه أمران: أحدهما أن في التصريح بالتشبيه اعترافا بكون المشبه به أكمل من المشبه في وجه الشبه على ما قررت في باب التشبيه. والثاني في ترك التصريح بالتشبيه على الاستعارة التي هي مجاز مخصوص الفائدة التي سمعت في المجاز آنفا من دعوى الشيء ببينه، والسبب في أن الكناية عن الشيء أوقع من الإفصاح بذكره نظير ما تقدم في المجاز بل عينه، يبين ذلك أن مبنى الكناية كما عرفت على الانتقال من اللازم على ملزوم معين ومعلوم عندك أن الانتقال من اللازم على ملزوم معين يعتمد مساواته إياه لكنهما عند التساوي يكونان متلازمين فيصير الانتقال من اللازم إلى الملزوم إذ ذاك بمنزلة الانتقال من الملزوم على اللازم فيصير حال الكناية كحال المجاز في كون الشيء معها مدعى ببينة ومع إفصاح بالذكر مدعى لا ببينه، وبهذا الطريق ينخرط نحو أمطرت السماء نباتا في سلك نحو رعينا الغيث فافهم، هذا ما أمكن من تقرير كلام السلف رحمهم الله في هذين الأصلين، ومن ترتيب الأنواع فيهما وتذييلها بما كان يليق بها وتطبيق البعض منها بالبعض وتوفية كل من ذلك حقه على موجب مقتضى الصناعة وسيحمد ما أوردت ذوو البصائر، وإني أوصيهم إن أورثهم كلامي نوع استمالة وفاتهم ذلك في كلام السلف إذا تصفحوه أن لا يتخذوا ذلك مغمزا للسلف أو فضلا لي عليهم فغير

<<  <   >  >>