للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قادح كما أوضحنا قريبًا.

وأما تخلف الحكم عن حكمته فهو أحد أنواع الكسر، والأظهر أن هذا النوع من الكسر غير قادح، وجزم بذلك ابن قدامة في روضة الناظر (١)، واختاره ابن الحاجب في بعض المواضع في مختصره الأصولي (٢)، ومثّل له بقول الحنفي في المسافر العاصي بسفره: مسافر، فيترخص بسفره كغير العاصي، فإذا قيل له: ولم قلتَ إن السفر علة للترخيص؟ قال: بالمناسبة لما فيه من المشقة المقتضيةِ للترخيص؛ لأنه تخفيف، وهو نفع للمترخِّص.

فيُعترض عليه بصنعة شاقة في الحضر، كحمل الأثقال وضرب المعاول وما يوجب قربَ النار في ظهيرة القيظ في القُطر الحار، فههنا قد وُجدت الحكمة وهي المشقة، ولم يوجد الحكم الذي هو قصر الصلاة وإباحة الفطر مثلًا.

والجواب عن هذا الكسر بتخلف الحكم مع وجود الحكمة أن الشرع إنما اعتبر مشقة السفر، فالعلة في الترخيص المذكور السفر، وحكمتها رفع المشقة، والتخفيف على المسافر، فأصل العلة لم يوجد في هذا الكسر، وإنَّما وجدت فيه الحكمة فقط، فلم يقع كسرٌ في العلة؛ لعدم وجودها أصلًا في صورة الكسر المذكور، وسفرُ العاصي بسفره علة للترخيص، والمانع من تأثيرها عند من يقول بذلك أن


(١) ص ٣١٠.
(٢) (٣/ ٤٧) مع شرح الأصفهاني، جامعة أم القرى، ١٤٠٦ هـ.