وكان الصحابة رضي الله عنهم متجردين لطلب الحق لا يحيدون عنه، وربما تناظروا فإن اقتنع الواحد برأي الآخر أخذ به، وإلا عذر كل واحد أخاه في اجتهاده ووسع له فيه.
وهكذا استمر الحال في اجتهاد أئمة التابعين ومن بعدهم كالأئمة الأربعة وأمثالهم، لكن ازدادت الوقائع المستجدّة فازدادت المسائل التي تستنبط من القرآن الكريم وتوسعت الدراسات التفسيرية لآيات الأحكام.
ولما ظهرت مذاهب فقهاء الأمصار ببنيانها الضخم المؤصل على الأصول الاجتهادية ودوّنت ثم ذاعت في الناس تأثر بكل مذهب منها طوائف من العلماء، كما حصل من قبل أن تأثر بفقهاء الصحابة طوائف من الصحابة والتابعين، لكن العصور المتأخرة شهدت توسعا في المناقشات يؤيد كل فريق مذهبه الذي اعتقد أنه الحق، وربما جرّ ذلك إلى تشديد النقد على المذهب المخالف مما يخالف منهج البحث العلمي، لا سيما في القرن الرابع وما بعده حين انتشرت المناظرات الكلامية.
[أشهر ما ألف في التفسير الفقهي]
وهكذا ظهرت التفاسير الفقهية للقرآن وكثرت وكان أكثرها يقتصر على تفسير آيات الأحكام، وفسّر بعضها القرآن كله.