لا يخفى ما تدل عليه أخبار الأمم السابقة مع أنبيائها، ووقائع الماضي البعيد الذي عفت عليه الأيام، وذهبت بعلمه ومعرفته، فالقصص عن الأمم السابقة معجزة بينة، وحجة حاسمة من دلائل علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، كما أنه دروس وعبر، وحكم ومواعظ يفهمها العامة من مؤمن ومنكر، والخاصة من متعمق ومتمعن، لذلك عني القرآن الكريم بأنباء السابقين أيما عناية، وبث هذه الأخبار في ثنايا دعوته، لتأييد حججه وبيناته.
[أهداف القصة في القرآن]
لا بد أن يلاحظ المتأمل لكتاب الله تعالى عنايته بالقصص حتى انها قد بثّت في ثنايا الكتاب الكريم بشكل بارز ملحوظ، وذلك لما يهدف إليه إيرادها من الحكم والأسرار الجليلة، نلخص جملة من أهمها فيما يلي:
أولا: الهدف الأكبر والأعظم للقصص في القرآن هو إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن وحي يوحى من الله تعالى، وذلك لأن علم الماضي قد ذهب واندثر، والنبي صلى الله عليه وسلم أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب، وقومه كذلك أميون، لم ينشأ بين أهل الكتاب ولا كان ثمة مدرسة يتعلم منها هو أو أحد من قومه، ولا خالط أحدا من أهل العلم بالكتاب السابق ولا تلقى عن أحد منهم شيئا قط، فلما جاء بهذه الأخبار ينبئ بها نبأ الأنبياء مع أممهم، فيطابق ما كان عند أهل الكتاب صوابا لم يدخله خطأ، ويصحح ما كان عندهم