من تقدم علمي مجدا يسابق مجدها القديم برسالتها الخالدة في إنقاذ الإنسانية وهداية بني الإنسان.
[شروط تفسير الآيات الكونية]
يحاول كثير من العلماء المخلصين تفسير الآيات القرآنية التي تتحدث عن الكون، وإبراز ما في تضاعيفها من موافقة مكتشفات العلم، وكثيرا ما أوغل بعضهم وتكلف. مما لا يتفق مع أصول علم التفسير، ونقتبس على هذا الصنيع ملاحظتين من فضيلة الأستاذ العلّامة الشيخ محمد أبو زهرة (١) تشملان شروط قبول هذا التفسير:
[الملاحظة الأولى]
أنهم يحاولون أن يحمّلوا القرآن نظرياتهم، وعليهم أن يفهموه كما تبين ألفاظه وكما تومي إشاراته، وذلك لأنهم أحيانا يحمّلون القرآن ما لا يحتمل، ويرهقون ألفاظه بالتأويل، وأحيانا يأتون بنظريات لم تكن حررت بعد من الشكّ والنظر، وقد تتغير.
ولا يصح أن يبقى القرآن تتردد معانيه باختلاف النظريات، بل إن الواجب أن ندرس ما في القرآن على أنه حقائق، فما وافقه من العلوم قبلناه.
[الملاحظة الثانية]
أن يدرس الكون في القرآن على أنه (يعني القرآن) حقائق ثابتة، وأنه هو موضع التسليم من المؤمن بالله تعالى وبالقرآن، فلا تجعل حقائقه (القرآن) موضع نظر، بل إن الإيمان بالقرآن يوجب الإيمان بكل ما اشتمل عليه، ولا يصح لنا أن نترك ظاهر القرآن ونتجه إلى تأويله، إلا أن يكون الظاهر يقبل التأويل وتكون حقائق العلم الثابتة تقتضي الأخذ بالتأويل الذي يحتمله القرآن من غير تعسف، ولا خروج بالألفاظ إلى غير معانيها.
وإنا بهذه الدراسة وبما قررناه من شروط تفسير الآيات الكونية نؤكّد الحقيقة المسلمة أن كتاب الله تعالى هو كتاب الحق، والصدق والعلم، لأنه من عند الله تعالى الذي لا يخفى عليه شيء في السماء ولا في الأرض،