في مطالع القرن الرابع عشر الهجري المنصرم وفي ظل الاحتلال الأجنبي لكثير من البلاد الإسلامية أو أكثرها احتدم الصراع الفكري في البلاد الإسلامية وأثيرت شبهات وإشكالات حول مفاهيم القرآن الأساسية والعلوم التي اشتمل عليها، وكانت النزعة المادية الصرفة الملحدة متسلطة على المفكرين في أوربة مما جعل جملة هذه العوامل وغيرها يثير الجدل والشبهات، التي أثارت رجال العلم والفكر المسلمين للاضطلاع بمهمتهم تجاه هذا الواجب.
وكان من الطبيعي أن تتجه أنظار الجميع إلى القرآن: توجه المنحرفون إلحادا وتشكيكا، وتوجه العلماء إظهارا للحق وهداية القرآن، وتفسيرا صحيحا لآياته ولإعجازه (١).
لكن في ظل الانبهار والدهشة لتفوق الأجنبي جاءت بحوث عدد من العلماء والمفكرين الإسلاميين متأثرة بمناهج الأجانب ومفاهيمهم المادية البحتة، وظهر أثر ذلك واضحا في تفاسير عدد منهم مما يتعارض مع الأدلة ومناهج التفسير.
ومن ذلك إنكار بعضهم المعجزات الحسية وتأويل الآيات الواردة فيها تأويلا بعيدا متكلفا، مثل تأويل الإسراء على أنه كان بالمنام أو بالروح فقط،
(١) كما هو صريح مقصد الشيخ محمد عبده في «تفسير القرآن الحكيم» المشهور بتفسير المنار.