للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرّع عند السّحر، ومجالسة الصالحين» (١).

وقد قسم بعض العلماء الناس في تلاوة التدبر على ثلاثة مقامات:

الأول: من يشهد أوصاف المتكلّم سبحانه في كلامه، ولهذا قال جعفر الصادق رضي الله عنه: «إن الله تجلى لخلقه بكلامه، ولكن لا يبصرون».

الثاني: من يشهد بقلبه كأنّ الله تعالى يخاطبه ويناجيه بألطافه، ويتحبب إليه بإنعامه، فمقام هذا الحياء من الله وتعظيم الله تعالى.

الثالث: من يرى أنه يناجي ربّه سبحانه، فهذا مقامه السؤال والتمسكن لله تعالى» وحاله الطلب، وهو وصف عامة المتقين (٢).

وكل مقام من هذه سبيل لفهم عال من كتاب الله تعالى، يتذوقه القارئ، فالحظ هذا، واستفد منه.

[ويستحب: للتدبر والتخشع]

ترديد الآية أي تكرارها وإعادتها مع التأمل وزيادة التفهم لها، وقد ثبت حديث أبي ذرّ رضي الله عنه قال: «قام النبيّ صلى الله عليه وسلم بآية يردّدها حتى أصبح». والآية: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أخرجه النسائي وابن ماجة (٣).

وعن تميم الداري رضي الله عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ (٤).

وعن عبّاد بن حمزة قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو. فطال


(١) التبيان: ٧٩.
(٢) باختصار عن البرهان: ١: ٤٥٢ - ٤٥٣. وارجع إليه للتوسع فإن مهم.
(٣) النسائي في الافتتاح (ترديد الآية): ٢: ١٧٧ وابن ماجة في إقامة الصلاة (القرآن في صلاة الليل): ١: ٤٢٩. والآية من سورة المائدة رقم ٧٨.
(٤) التبيان: ٨٠، والآية من سورة الجاثية تمامها: سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ.

<<  <   >  >>