أما إعجاز القرآن فإنه لم يكن بواسطة مخالفة السنن الكونية، وصرف الإنسان عنها، بل إن معجزة هذا القرآن يدركها الإنسان بمقدار إعمال عقله وفهمه، بل إنه كلما ازداد معرفة بسنن الكون والطبيعة ازداد يقينا بإعجاز هذا القرآن.
ولذلك واجه القرآن عناد المشركين وتطلبهم للمعجزات بخصوصية القرآن الكبرى التي تجعله يكفي عن كل معجزة، فقال عز وجل:
بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم والعرب أكثر ما كانت شاعرا وخطيبا،- كما ذكر الجاحظ- وأحكم ما كانت لغة، وأشد ما كانت في البيان عدة، لهم القصيد العجيب، والرّجز الفاخر، والخطب الطوال البليغة، والقصار الموجزة، ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور، إذا تأملت بالذوق الصحيح والملكة الفنية المذواق تبينت من خلال أدبهم ما بلغوه في هذا المضمار.
فلما أمر الله نبيه أن يبلغ دعوته للناس راح يتتبع أفراد عشيرته وقومه، يقرأ عليهم ما نزل عليه من القرآن، ولم يكن برهانه ولا ما أمر به أن يلزمهم حجة وبرهانا، أنما هو إله واحد وأن محمدا نبي لله إلا دليلا واحدا هو هذا الذي يتلوه عليهم من قرآن يقرؤه.