بذلك، ويمتاز تفسيره بالانتقاء لمادة الكتاب، وأنه كثيرا ما ينقد الرواة والروايات ويصحح ويضعف، ويجرح ويعدل، وينبه إلى ما في التفسير المأثور من منكرات الإسرائيليات ويحذر منها.
ومن الأمثلة من هذا التفسير تفسيره لقوله تعالى:
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال ابن كثير (ثم) هاهنا عطف خبر على خبر وترتيبه عليه كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يدفع إلى المزدلفة ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات، كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشا فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحل ويقولون: نحن أهل الله في بلدته وقطان بيته.
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا محمد بن حازم حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: «كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمّون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات. فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها ثم يفيض منها، فذلك قوله: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.
وكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة، والسدّي، وغيرهم، واختاره ابن جرير وحكى عليه الإجماع، رحمه الله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أضللت بعيرا لي بعرفة، فذهبت أطلب، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف، قلت: إن هذا من الحمس ما شأنه هاهنا؟ أخرجاه في الصحيحين ... ».
والكتاب مطبوع طبعات متعددة أحسنها تحقيق عبد العزيز غنيم وزملائه.
[٣ - لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن]
وهو العلّامة علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الشّيحي