ولما كان النقل بعزو الناقلة يختلف قوة وضعفا بحسب حال الناقلة، فقد احتاج الأمر إلى ضابط تميز به القراءة المقبولة وغير المقبولة.
وقد ضبط علماء القراءات القراءة المقبولة بقاعدة مشهورة متفق عليها بينهم، وهي:
«كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت رسم أحد المصاحف ولو احتمالا، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة»(١).
ويتبين من هذا الضابط ثلاثة شروط يتوقف قبول القراءة على اجتماعها كلها وهي:
[الشرط الأول: موافقة العربية ولو بوجه]
ومعنى هذا الشرط أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه النحو، ولو كان مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله، فلا يصح مثلا الاعتراض على قراءة حمزة: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ، بجر الأرحام بأنه عطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، وهو خلاف مذهب البصريين، لأنا نقول إن الكوفيين يجيزون مثل هذا العطف، وهكذا ...
[الشرط الثاني: موافقة خط أحد المصاحف ولو احتمالا]
وذلك أن النطق بالكلمة قد يوافق رسم المصحف تحقيقا، إذا كان مطابقا للمكتوب، وقد يوافقه احتمالا أو تقديرا باعتبار ما عرفنا أن رسم المصحف له أصول خاصة به تسمح بقراءته على أكثر من وجه.
مثال ذلك: ملك يوم الدين رسمت ملك بدون ألف في جميع المصاحف، فمن قرأ ملك يوم الدين بدون ألف موافق للرسم تحقيقا، ومن قرأ مالِكِ فهو موافق تقديرا، لحذف هذه الألف من الخط اختصارا.