ثانية وهي تفسير تلك النصوص حسبما يتبادر منها وفق استعمالات كلام العرب.
وقد تاه أقوام في فهم مذهب السلف، وأتوا في تعريفهم به بعبارة موهمة فقالوا:
إن المراد من هذه الآيات المتشابهة في الصفات هو معناها الحقيقي على وجه يليق به تعالى.
وهذا تعبير منتقد من حيث اللفظ والمعنى:
أما انتقاده من حيث اللفظ فلأن السلف لم يأتوا بكلمة «حقيقة»، وهذا باب دقيق يجب التقيد فيه بالعبارات المنقولة تماما، فكيف نقحم على كلامهم ما لم يقولوا؟! وأما انتقاده من حيث المعنى: فلأن قولهم «المراد معناها حقيقة» يوهم تشبيه الله تعالى بخلقه، وقولهم «على وجه يليق به» ينافي ذلك، فصارت العبارة متناقضة موهمة، حتى وجدنا كثيرا ممن نظر في كلام أصحاب هذا الرأي أو اعتقده يتجه فهمه إلى التشبيه من حيث لا يشعر.
وإنّ من نظر في سياق تلك الآيات الواردة من متشابه الصفات وتمعن في الغرض الذي سيقت له علم بعدها عن إرادة المعنى الظاهري، واستحالة تفسيرها به.
تأمل قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ. وقوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وقوله: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ. وقوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ، تعلم أن هذه الآيات وردت في مقام بيان قدرته تعالى، ووردت فيها اليد مفردة ومثناة وجمعا، مما يدل على استحالة إرادة المعنى الظاهري.
وحسبنا في هذا كلام الإمام الحافظ السلفي ابن كثير، قال في تفسير