وليس أمر العدد جديدا، بل قد لاحظ أسلافنا كثرة هذه الحروف في السورة التي افتتحت بها، بل ذهبوا لما هو أبعد من ذلك وهو تلاؤم مضمون السورة لهذه الحروف ونغمها الموسيقى، فعلمنا من هذه البحوث العددية المعاصرة تأكيد دراستهم فقط، وهو إحكام القرآن ودقة نظمه وعمق أغواره، ليس بطريق حساب عدد متوهم مزعوم بل بطريق دقة النظم وعمق التجاوب بين هذه الفواتح وسورها. قال الزركشي: «وقد عد بعضهم القافات التي وردت في سورة «ق» فوجدها سبعا وخمسين، مع أن آيات السورة خمس وأربعون، وفي سورة «ن» تكرر هذا الحروف أربع عشرة ومائة مرة وآياتها اثنتان وخمسون ... كذلك أحصى العلماء عدد كلمات القرآن وحروفه، وكلمات سوره وحروفها أيضا، فلم يكن أمر الإحصاء والعدد غائبا عنهم. لكن العلماء كانوا أبعد نظرا وأسدّ مسلكا فإنهم أخذوا من هذا العمل بيان إحكام القرآن في نظمه ومعناه، كما رأينا.