٣ - ومنها: الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، وتأمل ذلك في سورة: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إلى آخرها، وقوله سبحانه: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ إلى آخر السورة [الزمر: ٦٧ - ٧٥]، وكذلك قوله سبحانه:
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إلى آخر السورة [إبراهيم: ٤٣ - ٥٢].
قال ابن الحصار: فمن علم أن الله سبحانه وتعالى هو الحق، علم أن مثل هذه الجزالة لا تصح في خطاب غيره، ولا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول:
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، ولا أن يقول: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ.
قال ابن الحصار: وهذه الثلاثة من النظم، والأسلوب، والجزالة، لازمة كلّ سورة، بل هي لازمة كلّ آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر، وبها وقع التحدي والتعجيز، ومع هذا فكل سورة لا تنفرد بهذه الثلاثة، من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشرة، فهذه سورة «الكوثر» ثلاث آيات قصار، وهي أقصر سورة في القرآن، وقد تضمنت الإخبار عن مغيّبين:
أحدهما: الإخبار عن الكوثر وعظمه وسعته وكثرة أوانيه، وذلك يدل على أن المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل.
والثاني: الإخبار عن الوليد بن المغيرة، وقد كان عند نزول الآية ذا مال وولد، على ما يقتضيه قول الحق: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً. وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً. وَبَنِينَ شُهُوداً. وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثم أهلك الله- سبحانه- ماله وولده، وانقطع نسله.
[قال نور الدين: قال القرطبي آخر تفسيره يفسّر الآية: «الأبتر: أي المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة». انتهى. قال نور الدين: «وهذا هو الصحيح. وقد حصل ذلك لمبغضي النبي صلى الله عليه وسلم على أبلغ وجه.
الصحيح. وقد حصل ذلك لمبغضي النبي صلى الله عليه وسلم على أبلغ وجه.
وفي الآية على هذا إشارة إلى غيب ثالث، هو عزّة الإسلام وانتشاره، حتى يؤدي إلى بتر مبغض النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع ذكره، من خير الدنيا والآخرة].
٤ - ومنها: التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به مخلوق،